نقلاً عن الشيخ زين الدين علي بن الحسين بن محمد الخازن الحائري تلميذ الشهيد انه قد رأى ابن أبي الجواد النعماني مولانا المهدي عليه السلام فقال له : يامولاي لك مقام بالنعمانية ومقام بالحلة فأين تكون فيهما ؟ فقال له : أكون بالنعمانية ليلة الثلاثاء ويوم الثلاثاء ويوم الجمعة وليلة الجمعة أكون بالحلة ولكن أهل الحلة ما يتأدبون في مقامي

حياة السيد العلوي

1
 السيد محمد بن القاسم بن علي بن عمر بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (ع)



نسبــه:
هو محمد بن القاسم بن علي بن عمر(1), و عمرا لملقب بالأشراف هو اخو زيد الشهيد عليه السلام و هو أسن منه ويكنى أبا علي وقيل أبا حفص و عقبه قليل بالعراق و إنما قيل له الاشرف بالنسبة إلى عمر الأطرف عم أبيه فان هذا لما نال فضيلة ولادة الزهراء البتول عليها السلام كان اشرف من ذلك و سمي الاخرالاطرف لان فضيلته من طرف واحد وهو طرف أبيه علي عليه السلام عاش عمر 65سنة ولي صدقات علي عليه السلام.
فأعقب عمر الاشرف من رجل واحد و هو علي الأصغر المحدث روى الحديث عن جعفر بن محمد الصادق عليه السلام و هو لام ولد فأعقب علي بن عمر الاشرف من ثلاثة رجال القاسم,وعمر الشجري ,وأبو محمد الحسن. Z
أما القاسم بن علي بن عمر الاشرف و يكنى أبا علي وكان شاعرا و اختفى ببغداد وهو لام ولد أشخصه الرشيد من الحجاز وحبسه و افلت من الحبس فالعقب منه في أبي جعفر محمد الصوفي الصالح الخارج بالطالقان وحده ولأبي جعفر محمد أعقاب.
انتسب إليه محمد بن محمد المعروف بابن برجم وأولاده وهم ألان ببنت جبيل من جبل عامل(2).

أمه:
 صفية بنت موسى بن عمر بن علي بن الحسين بن علي (ع)(3).
لقبه:
 الصوفي لأنه كان يلبس الصوف ألأبيض(4).
كنيته:
 أبو جعفر(5).
حياته:
  كان بالكوفة من العبادة والزهد والورع ونهاية الوصف(6)، وكان من أهل العلم والفقه والدين والزهد وحسن المذهب(7).
فلما خاف على نفسه هرب فصار إلى خراسان فتنقل من مواضع كثيرة من كورها كمرو،وسرخس،و الطالقان ونسا فكانت له حروب و كوائن وانقاد إليه و إلى إمامته خلق كثير من الناس,

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1ـ مروج الذهب للمسعودي ج2 ص348 .
2ـ عمدة الطالب في أنساب أبي طالب لأبن عنبة ط2.
3ـ مقاتل الطالبيين للأصفهاني ص 
4ـ عمدة الطالب في أنساب أبي طالب ط2
5ـ مقاتل الطالبيين للأصفهاني
6ـ مروج الذهب للمسعودي ج2      
7ـ مقاتل الطالبيين للأصفهاني
                                                                 

2
مذهبه:
اختلفت الروايات الواردة حول مذهب الأمام محمد بن القاسم الصوفي منها كما يقول ألأصفهاني(1)
إنه كان يذهب مذهب المعتزلة مستدلاً بحديث محمد بن سعيد له يقول حدثني احمد بن سعيد قال حدثني عبيد
 بن حمدون قال سمعت عباد بن يعقوب يقول كنت أنا ويحيى بن الحسن بن الفرات الحريري مع مــحمد بـن
 القاسم في زورق نريد الرقة ومعنا جماعة من هذه الطبقة فضهرنا من مذهبه عـلى شـيء مـن الاعتزال
 فخرجنا وتركناه فجعل يبكي ويسألنا الرجوع فما كلمه منا احد.
 كذلك يقول وكان من أهل العلم والفقه والدين والزهد وحسن المذهب أخبرني بخبره احمد بن عبيد الله بن عمار
 عن محمد بن الأزهر ونسخت شيئا من إخباره من كتاب احمد بن الحارث الخراز وحدثني بخبره مشروحا جعفر
 بن احمد بن أبي مندل الوراق الكوفي قال : حدثني عبيد الله بن حمدون قال : حدثني إبراهيم بن عبد الله العطار
 وكان مع أبي جعفر محمد بن القاسم بالطالقان (2) وفي أحوال تـنـقـله بخـراسان قال : نزل بـمرو (3) وكـنا معه
 من الكوفيين بضعة عشر رجل وكان قبل ذلك خرج إلى ناحية الرقة (والى ناحية الروز) ومعه جماعة من وجوه
 الزيدية منهم : يحيى بن الحسن بن الفرات الفـراز وعباد بن يعـقـوب الـرواجـني فـسمـعـوه يـتكـلم مـع احـدهــم
 بشيء من مذهب المعتزلة فتفرق الكوفيون جميعا عنه وبـقـيـنا مـعـه بضعـة عـشر رجلا فـتـفـرقـنا فـي الـنـاس
 ندعوهم إليه فلم نلبث إليهم إلا يسيرا حتى استجاب له أربعون ألفا وأخذنا عليهم البيعة,وكان يرى رأي الزيدية
 الجار ودية والجار ودية(4): أصحاب الجار ود: زياد بن أبي زياد.زعـمـوا:أن الـنـبي( ص) نـص عـلـى عـــلي بالوصف دون التسمية و هو الإمام بعده و الناس قصروا حيث لم يتعرفوا الوصف و لم يطلبوا الموصوف و إنما نصبوا أبا بكر باختيارهم فكفروا بذلك و قد خالف أبوا الجار ود في هذه المقالة إمامه : زيد بن علي فانه لم يعتقد هذا الاعتقاد اختلف الجار ودية:في التوقف و السوق.
فساق بعضهم الإمامة من علي إلى الحسن ثم إلى الحسين ثم إلى علي بن الحسين :زين العابدين ثم إلى ابنه زيد بن علي  ثم منه إلى الإمام محمد بن عبدا لله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب،و قالوا بإمامته و كان أبو حنيفة على بيعته و من جملة شيعته حتى رفع الأمر إلى المنصور فحسبه حبس الأبد حتى مات في الحبس .و قيل انه إنما بايع محمد بن عبد الله الإمام في أيم المنصور و لما قتل محمد بالمدينة بقي الإمام أبو حنيفة على تلك البيعة يعتقد موالاة أهل البيت فرفع حاله إلى المنصور ....فتم عليه ما تم .و الذين قالوا بإمامة محمد بن عبد الله الإمام اختلفوا، فمنهم من قال انه لم يقتل و هو بعد حي و سيخرج فيملا الأرض عدلا، منهم من اقر بموته. وساق الإمامة إلى محمد بن القاسم بن عمر بن علي بن الحسين صاحب الطالقان.
وقد افترقت الجار ودية في نوع آخر إلى ثلاث فرق كما ذ ُكر في كتاب حور العين(5) وهي:
1ـ زعمت أن محمداً بن عبد الله النفس الزكية بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب لم يمت ,ولا يموت حتى يملا الأرض عدلاً و انه القائم المهدي المنتظر عندهم ,و كان محمد خرج على المنصور فقتله بالمدينة ,         
2ـ زعمت أن محمد بن القاسم بن علي بن عمر بن علي بن الحسين بن علي لم يمت ,و لا يموت حتى يملا الأرض عدلاً و انه المهدي المنتظر عندهم ,وكان محمد بن القاسم هذا  خرج على المعتصم بالطالقان فأسره المعتصم ,فلم يدر بعد ذلك كيف كان خبره.
3ـ زعمت إن يحيى بن عمر بن يحيى بن الحسين بن زيد بن علي لم يمت,و انه القائم المهدي المنتظر عندهم ,ولا يموت حتى يملا الأرض عدلاً و كان يحيى بن عمر هذا خرج على المستعين فقتل بالكوفة.


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مقاتل الطالبيين للأصفهاني
2ـ معجم البلدان ج6ص7ـ9.
معجم البلدان ج8ص33ـ38.
4ـ الملل والنحل للشهرستاني ج1ص140.
5ـ حور العين لـنشوان الحميري ص262.

3


أما الطـبـري(1) يقول فيه: في أحداث سنة تسع عشرة ومائتين فمن ذلك ماكان من ظهور محمد بن القاسم بن عمر بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب بالطالقان من خراسان يدعـوا إلى الرضا(ع)وهو ألأمام الثامن  من آل محمد فاجتمع إليه بها ناس كثير وكانت بينه وبين قواد عبد الله بن طاهروقعات بناحية الطالقان وجبالها فهزم هو وأصحابه. إذن هو رجل علوي صالح صاحب ثورة ضد حكم الطغاة ليس مدعيا ألإمامة لنفسه وما يؤكد ذلك إنه يدعو إلى إمامة علي بن موسى الرضا (ع) ومما يؤكد ذلك أيضا قول المسعودي(2) فيه:
يقول إنقاد إلى إمامته خلق كثير من الزيدية إلى هذا الوقت و هو سنة 332هـ ومنهم خلق كثير يزعمون أن محمدا لم يمت وانه حي يرزق يخرج فيملؤها عدلا كما ملئت جورا انه مهدي هذه الأمة و أكثر هؤلاء بناحية بالكوفة و جبال طبرستان و الديلم و كثير من كور خراسان و قول هؤلاء بمحمد بن القاسم نحو قول رافضة الكيسانية في محمد بن الحنفية .





                                               












ــــــــــــــــــــــــــــــ
1ـ البداية والنهاية ج 10 ص282
2ـ مروج الذهب للمسعودي ج2ص348  






4
ثـورته:
لما أخاف المعـتصم ألأمام محمد بن القاسم بن علي بن عمر بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ع ,
وكان بالكوفة وذلك في عام 219هجرية ، فلما خاف على نفسه هرب فصار إلى خراسان فتنقل من مواضع كثيرة من كورها كمرو،وسرخس،و الطالقان و نسا فكانت له حروب و كوائن وانقاد إليه و إلى إمامته خلق كثير من الناس .
يقول ألأصفهاني في أحوال تـنـقـله بخراسان قال نزل بمرو وكلن قبل ذلك خرج الى ناحية الرقة والى ناحية الروز,وعندما نزل مرو كان معه ابراهيم بن عبدالله العـطار(1)ويحيى بن الحسن بن الفرات الفراز وعباد بن يعـقوب الرواجني يقول العطار(2) بقينا معه بضعة عشر رجلا فتفرقنا في الناس ندعوهم اليه فلم نلبث اليهم الا يسيرا حتى استجاب له اربعون الفا واخذنا عليهم البيعة وكنا انزلناه في رستاق من رساتيق مرو واهله شيعة كلهم فاحلوه في قلعة لايبلغها الطير في جبل حريز فلما اجتمع امره وعدهم لليلة بعينها فاجتمعوا اليه ونزل من القلعة اليهم فبينا نحن عنده اذا سمع بكاء رجل واستغاثته فقال لي ياابراهيم قم فانظر ما هذا البكاء فاتيت الموضع فوقفت فيه فاستقربت البكاء حتى انتهيت الى رجل حائك قد اخذ منه رجل من اصحابنا ممن بايعنا لبدا وهو متعلق به فقلت : ماهذا وما شانك ؟. فقال : اخذ صاحبكم هذا لبدي. فقلت اردد عليه لبده فقد سمع ابو جعفر بكاءه . فقال لي الرجل : انما خرجنا معكم لنكتسب وننتفع وناخذ ما نحتاج اليه فلم ازل ارفق به حتى حتى اخذت منه اللبد ورددته إلى صاحبه ورجعت الى محمد بن القاسم فاخبرته بخبره واني قد انتزعت منه اللبد ورددته على صاحبه فقال : ياابراهيم ابمثل هذا يصر دين الله ؟ ثم قال لنا : فرقوا الناس عني حتى ارى رايي فخرجنا الى الناس فقلنا لهم : ان صورة الامر قد اوجبت ان تتفرقوا في هذا الوقت فتفرقوا . ورحل محمد بن القاسم من وقته الى الطالقان وبينها وبين مرو اربعين فرسخا فنزلها وتفرقنا ندعوا الناس فاجتمع عليه عالم وجئنا اليه فقلنا له: ان اتممت على امرك وخرجت فانبذت القوم رجونا ان ينصرك الله فاذا ظفرت اخترت حينئذ من ترضاه من جندك واذا فعلت كما فعلت بمرو اخذ عبد الله بن طاهر بعقبك فاصلح من اسلامك ايانا ونفسك اليه ان تجلس في بيتك ويسعك ما يسع سائر اهل بيتك فاتم عزمه وخرج في الناس . وبلغ خبره عبد الله بن طاهر فوجه اليه رجلا يقال له : الحسين بن نوح وكان صاحب شرطته فلقيناه وقاتلناه فهزمناه هزيمة قبيحة ولما اتصل خبره بعبد الله قامت قيامته فجرد قائدا من اصحابه يقال له نوح بن حبان بن جبلة او قال حبان بن نوح بن جبلة فلقيناه فهزمناه هزيمة اقبح من هزيمتنا للحسين بن نوح وانحاز الى بعض النواحي ولم يرجع الى عبد الله بن طاهر وكتب اليه يعتذر ويحلف انه لايرجع الى ان يظفر او يقتل. فامده عبد الله بن طاهر بجيش اخر ضخم فسار اليه متمهلا ونازله وكمن لنا كمناء في عدة مواضع فلما التقينا قاتلنا ساعة ثم انهزم متطاردا لنا فاتبعه اصحابنا فلما تفرقنا في طلبه خرجت الكمناء على اصحابنا من كل وجه فانهزمنا وافلت محمد بن القاسم وصار الى نسا (3) مستترا وثبتنا في النواحي ندعوا اليه . وقال ابو الازهر في خبره : حدثني علي بن محمد الازدي قال حدثني ابراهيم بن غسان بن الفرج العودي صاحب عبد الله بن طاهر قال : دعاني الامير بن عبد الله بن طاهر يوما فدخلت عليه فوجدته قاعدا والى جانبه كرسي عليه كتاب  مختوم وغير معنون ويده في لحيته يخلخلها وكان ذلك من فعله دليلا على غضبه فتعوذت با الله من شره ودونت اليه فقال لي : ياابراهيم احذر ان تخالف أمري فتسلطني على نفسك فلا ابقي لك باقية . قلت : أعوذ بالله ان احتاج في طاعتك الى هذا الوعيد وان
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مقاتل الطالبيين
مقاتل الطالبيين
3ـ نسا: مدينة بخراسان وكان سبب تسميتها بهذا الاسم ان المسلمين لما وردوا خراسان قصدوها فبلغ اهلها فهربوا ولم يتخلف غير النساء  فلما آتها المسلمون لم يرو بها رجلا فقالوا هؤلاء نساء والنساء ليقاتلن فنسئ أمرها ألان إلى أن يعود رجالهن فتركوها ومضوا فسموا بذلك نسا والنسبة الصحيحة إليها نسائي   راجع معجم البلدان  8\ 282 -283.
5

أتعرض إلى سخطك قال : قد جردت لك الف فارس من نخبة عسكري وامرت ان يحمل معك مائة الف درهم تصرفها فيما تحتاج الى صرفها فيه من امورك فاضرب الساعة بالطبل والبوق فانهم يتبعونك فاخرج واركض وخذ من خاص خيلي ثلاثة أفراس تجنب معك تنتقل عليها وخذ بين يديك دليلا قد رسمته لصحبتك فادفع إليه من المال ألف درهم واحمله على فرس من الثلاثة فليركض بين يديك فاذا صرت على فرسخ واحد من نسا فافضض الكتاب واقرأه واعمل بما فيه ولا تغادر منه حرفا ولا تخالف مما رسمته شيئا واعلم ان لي عينا في جملة من صحبك يخبرني بأنفاسك فاحذر ثم احذر ثم احذر وأنت اعلم . قال إبراهيم بن غسان : فخرجت وضربت بالطبل ووافاني الفرسان جميعا بشادياج وهو موضع قصور آل طاهر وعبد الله يشرف من شرف علينا فعبأت اصحابي ودفعت فرسي أركضه ويتبعونني نسير خببا حينا وتقريبا حينا حتى صرنا في اليوم الثالث الى نسا على فرسخ منها ففضضت الكتاب فقراته فإذا فيه :
سر على بركة الله وعونه فاذا كنت على فرسخ فعبئ اصحابك تعبئة الحرب واحخل نسا وانقذ قائدا من قوادك في
 ثلاثمئة ياخذ على اصحاب البريد داره فيحدق بها هو واصحابه وانفذ قائدا في خمسمائة فارس الى باب عاملها
 تحرزا من وقوع حيلة ببيعة وقعة في اعناقهم لمحمد بن القاسم وسر في باقي اصحابك الى محلة كذا وكذا ودرب
 كذا وكذا دار فلان بن فلان وادخل الدار الاولى ثم انفذ فيها الى دار ثانية فاذا دخلتها فانفذ منها الى دار ثالثة فاذا
دخلتها فارق على درجة فيها على يمينك فانك تصير الى غرفة فيها محمد بن القاسم العلوي الصوفي ومعه رجل
من اصحابه يقال له : ابو تراب فاستوثق منها بالحديد استيثاقا شديدا وانفذ الى خاتمك مع خاتم محمد بن القاسم
 لاعلم ضفرك به قبل كتابك وانفذ الخاتمين مع الرسول ومره فليركض بهما ركضا حتى يصير الى في اليوم الثالث
 ان شاء الله ثم اكتب الي بعد ذلك بشرح خبرك وكن على غية التحرز و التحفض والتيقظ في امره حتى تصير به
 وصاحبه الى حضرتي . قال ابراهيم فما رأيت خبرا كان كأنه وحي مثله فصرت الى الموضع فامتثلت أمره فوجدت
 محمد على راس الدرجة متلثما بعمامة وقد شد له على بغل أسفل الدرجة وهو يريد الرحيل إلى خوارزم فقبضت
 عليه فقال: ما شأنك ومن تريد ؟.
قلت: محمد بن القاسم .
قال: فانا محمد بن القاسم
قلت هات خاتمك فأعطاني خاتمه فانفذته مع خاتمي إلى عبد الله بن طاهر مع رجلا دفعت اليه فرسا من تلك الخيل يركبه وجنيبة يجنبها مخافة ان يعثر فرسه وامرت بعض اصحابي بدخول الغرفة فقال لي : ما تريد من دخول الغرفة وقد آخذتني وليس هناك احد؟ فلم التفت اليه وأمرت أصحابي فدخلوا الغرفة ففتشوها فوجدوا ابا تراب تحت نقير والنقير شبيه بالحوض من خشب يعجن فيه الدقيق ويعصر فيه العنب فاخثتهما واستوثقت منهما بالقيود الثقال وكتبت الى عبد الله بن طاهر بخبرهما وسرت الى نيسابور ستة ايام فصيرت محمد بن القاسم في بيت في داري ووكلت به من اثق به من أصحابي ووكلت بابي تراب عبد الشعراني فوضع محمد كساءه وقام يصلي وعبد الله يشرف من غرفة في الشادياج علينا فلما فرغت من الاحتياط صرت الى عبد الله بن طاهرفاخبرته الخبر وقصصته عليه شفاها فقال لي : لابد من انظر اليه فصار الي مع المغرب وعليه قميص وسراويل ونعل وزداء وهو متنكر فلما نظر الى محمد بن القاسم وثقل الحديد عليه قال لي : ويلك يا ابراهيم اما خفت الله في فعلك ؟ اتقيد هذا الرجل الصالح بمثل هذا القيد الثقيل ؟ فقلت ايها الامير خوفك انساني خوف الله ووعدك الذي قدمته إلي أذهل عقلي عما سواه  فقال لي : خفف هذا الحديد كله عنه وقيده بقيد خفيف في حلقته رطل بالنيسابوري ووزن الرطل النيسابوري مائتا درهم_ وليكن عموده طويلا وحلقاته واسعتين ليخطوا فيه ومضى وتركه .
. فأقام بنيسابور ثلاثة أشهر يريد بذلك ان يعمي خبره على الناس كيلا يغلب عليه لكثرة من بايعه بكور خراسان. وكان عبد الله يخرج من إسطبله بغالا عليها القباب ليوهم الناس انه قد أخرجه ثم يردها حتى استتر

                                                                                                                                  6
بنيسابور سله في جوف الليل وخرج به معابراهيم بن غسان الذي اسره من نسا ووافى به الري وقد أمره عبد الله بن طاهر أن يفعل به كما فعل هو يخرج في كل ثلاث ليال ومعه بـغـل عليه قبة ومعه جيش حتى يجوز الري
بفراسخ ثم يعود الى ان يمكن سله في ليلة مظلمة ففعل ذلك خوفا من ان يـغـلب عليه لكثرة من اجابه حتــــــــى
اخرجه من الري ولم يعلم به احد ثم اتبعه حتى اورده بغداد على المعتصم. قـال ابراهيم بن غسان : فعرضـــــوا
 على محمد بن القاسم كل شيئ نفيس من مال وجوهر وغير ذلك فلم يقبل الا مصحفا جامعا كان لعبد الله بن طاهر فلما قبله سر عبد الله بذلك وانما قبله لانه كان يدرس فيه . قال : وما رأيـت قـط اشـد اجـتهادا مـــــــنه ولا
اعف ولا اكثر ذكر الله عزوجل مع شدة نفس واجتماع قلب ماظهر منه جـزع ولا انـكـسار ولا خـضــوع فــــــــي
الشدائد التي مرت به وانهم مارأوه قط مازحا ولا هـازلا ولا ضاحكا الا مـرة واحـدة فانهم لما انحدروا مـــــــن
عقبة حلوان اراد الركوب فجاء بعض اصحاب ابراهيم بن غسان فطأطأ له ظهره حتى ركب في المحمل على البغل فلما استوى على المحمل قال للذي حمله على ظهره مازحا اتأخذ ارزاق بني العباس وتخدم بني عــــــلي
بن ابي طالب وتبسم وكان يقال للرجل مـحـمـد الشعـرانـي وكـان مـن شـيـعـة بـنـي العباس الخراسانية فقال له :
 جعلت فداك ولد علي وولد العباس عندي سواه فـمـا سـمـعـناه مـــزح ولا رأيـناه تبســـم قبل ذلك ولا بعده ولا
 رايناه اغتم من شيئ جرى عليه الا يوم ورد عليه كتاب المعتصم وقد وردنا النهروان فكتبنا اليه بالخبر وأستأذناه في الدخول به فورد علينا كتابه يامرنا ان ناخذ جلالة القبة ونسير به مكشوفاً واذا وردنا النهريــــن
ان ناخذ عمامته وندخله بغداد حاسرا وذلك قبل ان يبنى سر من رأى فـــلـما اردنا الرحـيـل بـه مـن الـنهـروان
 نزعنا جلالة القبة فسأل عن السبب في ذلك فاخبرناه فأغتم في ذلك ولما صرنا بالنهرين قلنا له ياابا جعفر : انزع عمامتك فأن امير المؤمنين امر ان تدخل حاسرا فرمى بها الي ودخل الشماسية فـي يـــــــوم النوروز وذلك
 في سنة تسعة عشر ومائتين وهو في القبة وهي مكشوفة وهو حاسر وعديله شيخ من اصحاب عبد الله بن طاهر(1) واصحاب السماحة بين يديه يلعبون والفراغنة يرقصون فلما رأهم محمد بكى ثم قال:اللهم انك تعلم اني
لم ازل حريصا على تغير هذا وانكاره قال : وجعلت الفراغنة يحملون على العمامة ويرمــونهم بالقذر والميتة
 والمعتصم يضحك ومحمد بن القاسم يسبح ويستغفر الله ويحرك شفتيه يدعوا اليهم والمعتصم جالس في جوسق
 كان له بالشماسية ينضر اليهم ومحمد واقف ولما فرغ من لعبه مروا بمحمد بن  القاسم عليه فامر بدفعه الى
مسرور الكبير فدفع اليه فحبس في سرداب شبيه بالبئر فكاد ان يموت فيه وانتهى ذلك الى المعتصم فامر باخراجه
منه فاخرجه وحبس في قبة في بستان موسى مع المعتصم في داره ووكل به مسرور عدة من غلمانه وثقاته  وكانت في القبة التي هو فيها محبوس عدة روازون وكوى واسعة الضوء فطلب مقراضا يكون عنده يقص به اظافره فدفع اليه فعمد الى لبد كان تحته فقطع نصفه بالمقراض وقصصه كهيئة السيور وعمل منه مثل السلم وطلب منهم سعفة ذكر انه يريد ان يطرد بها الفأر فانه يأكل خبزه وينجسه عليه فاعطوه فقطعها وخرز حوليها بالمقراض حتى كسرها ثلاث قطع وقرنها بمسواكه وجعلها في رأس السلم وحلق به في اقرب روزونة من تلك الروازن اليه فعلق فيها وتسلق عليه وجذب اليه لما صعد فنجا وكانت ليلة الفطر من سنة تسعة عشر ومائتين وقد ادخلت الفواكه والرياحين والة العيد على رؤوس الحمالين الى البستان وصار الحمالون جميعا الى القبة التي فيها محمد بن القاسم فباتوا حولها ورموا بناتيجهم وناموا فرمى بنفسه من القبة الى اسفل ونام بين الحمالين وتحركت خرزة من فقار ظهره ولم تنفك فنام بين الحمالين  ثم عجل فاخذ بنتيجة احدهم وذهب ليخرج فقال احد البوابين : من انت؟ فقال : احد الحمالين أردت الانصراف إلى أهلي فقال له : نم عندي مكانك ليأخذك العسس فنام عنده فلما طلع الفجر خرج الحمالون وخرج معهم وافلت فلما اصبحوا فتحوا الباب فلم يجدوه فاعلموا مسرورا بخبره فدخل على المعتصم حافيا مستسلما للقتل واعلمه الخبر فقال له المعتصم : لابأس عليك ان كان ذهب فلن يفوت ان ظهر اخذناه وان اثر السلامة واستتر تركناه . فقال مسرور بعد ذلك هذا من فضل امير المؤمنين علي ولو جرى هذا في ايام الرشيد لقتلني.



عبد الله بن الطاهر :182-230هـ                                                                              7

عبد الله بن الطاهر بن الحسين بن مصعب بن زريق الخزاعي بالولاء أبو العباس أمير خراسان ,من أشهر الولاة في العصر العباسي أصله من (باذغيس) بخراسان و كان جده الأعلى (زريق)من موالي طلحة بن عبد الله المعروف بطلحة الطلحات وولي صاحب الترجمة أمرة الشام مدة و نقل إلى مصر سنة 211هـ.فأقام سنة و نقل إلى الدينور ثم ولاه المأمون خراسان و ظهرت كفاءته فكانت له طبرستان و كرمان و خراسان و الري و السواد و ما يتصل بتلك الإطراف و استمر إلى أن توفي بنيسابور (وقيل بمرو) و للمؤرخين إعجاب بإعماله و ثناء عليه
موته:
  تعددت الروايات في المكان الذي مات فيه فقيل : انه رجع إلى الطالقان فمات بها  وقيل : انه انحدر إلى واسط وذلك هو الصحيح(1)
  قال محمد بن الأزهر في خبره(1) : فرأيت محمد بن القاسم يوم ادخل إلى بغداد كان ربعة من الرجال اسمر في وجهه
اثر جدري قد اثر السجود في وجهه . قال : وحدثني علي بن محمد الازدي والحسين بم موسى بن منير ان محمد بن القاسم لما هرب صار إلى قطيعة الربيع (2) إلى منزل منير بن موسى بن منير فنقله إلى منزل إبراهيم
بن قيس فاجتمعا إليه وقالا له: إن الطلب لك سيشتد وليست بغداد لك بمنزل (فارحل من وقتك قبل ان يشتد عليك الطلب إلى واسط ) فانحدر الى واسط وقد شد وسطه للوهن الذي أصاب فقار ظهره فلما صار بواسط مات رحمة الله عليه . قال علي بن محمد الازدي : فحدثني ابنه علي بن محمد بن القاسم الصوفي : انه لما صار الى واسط عبر بها دجلة إلى الجانب الغربي فنزل الى ام ابن عمه علي بن الحسن بن علي بن عمر بن علي بن الحسين وكانت عجوز مقعدة فلما نضرت اليه وثبت فرحا به وقالت : محمد والله فدتك نفسي وأهلي الحمد لله على سلامتك فقامت على رجلها وما قامت قبل ذلك بسنين فاقام عندها مديدة ومرضته من الوهن الذي اصاب ظهره حتى مات بواسط .
وذكر احمد بن الحرث الحراز(3) : ان محمد بن القاسم لما هرب عبر من الجانب الغربي فلما حصل في دجلة نظر فإذا معه في المعبر شيخ من الرجالة الموكلين به كان محمد يراه من خلف الباب فعرفه محمد ولم يعرفه الشيخ فلما أراد الخروج قال له الملاح : اعطني اجري فحلف له ما معي شيئ ولا يملك غير الجبة الصوف التي عليه فرق له الشيخ الموكل فأعطى الملاح أجرته من عنده.
 قال احمد بن الحرث الحراز:
وتوارى محمد بن القاسم ايام المعتصم وايام الواثق ثم اخذ في ايام المتوكل فحمل اليه فحبس حتى مات في محبسه .
وقال المسعودي(4)قد تنوزع في ألأمام محمد بن القاسم فمن قائل يقول(إنه قتل بالسم ) ومنهم من يقول أن ناسا من شيعته من الطالقان أتوا ذلك البستان فتاقوا للخدمة فيه من غرس وزراعة و اتخذوا سلالم من الجبال واللبود والطالقانية نقبوا الازج وأخرجوه فذهبوا به فلم يعرف له خبر إلى هذه الغاية .


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مقاتل الطالبيين
قطيعة الربيع: منسوبة إلى الربيع بن يونس حاجب المنصور ومولاه . راجع معجم البلدان 7|128 .
3ـ  مقاتل الطالبيين
4ـ مروج الذهب للمسعودي ج2 ص348.


                               المصادر والمراجع التي تم استخراج التحقيق منها:-
8
v                                            الأعلام   ج6ص334 لخير الدين الزر كلي
v                                            بحار الانوارج37ص30 العلامة ألمجلسي
v                                            تاريخ ابن خلدون ج1 ص 200
v                                            تاريخ اليعقوبي ج2 ص 471
v                                            شرح الأخبار ج 3 ص 345 للقاضي النعماني
v                                            طرائف المقال ج2 ص 234السيد علي البر وجردي
v                                            الكليني و الكافي ص 138 للشيخ عبد الرسول الغفاري
                       تحقيق محمد الحسين ألجلالي  مطبعة مؤسسة النشر الإسلامي
v                                            المجدي في انساب الطالبيين ص371 علي بن محمد العلوي
v                                            المسائل الجار ودية ص 11 للشيخ المفيد تحقيق الشيخ محمد كاظم دير شانجي مطبعة
v                                             دار المفيد بيروت
v                                            مقاتل الطالبين
v                                            الفرج بعد الشدة
v                                            سر السلسلة العلوية
v                                            حقائق التأويل
v                                            تاريخ مدينة دمشق
v                                            سير أعلام النبلاء
v                                            مروج الذهب
v                                            الحور العين
v                                            معجم البلدان
v                                            ابن الاثير
v                                            البداية والنهاية لابن الاثير
v                                            الملل والنحل  
                 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق